majestictailoring.com
وهنا نجد احد أوجه الاختلاف بين المفهوم الاسلامى والفلسفة الغربية العقلية التي لم تتميز في برهنتها على وجود الله تعالى بين الوجود والماهية، اى ترى إمكانية إدراك أو تصور العقل لوجود وماهية عالم الغيب ،لأنها تنظر إلى العقل باعتباره وجود مطلق ، وليس فاعليه معرفيه محدودة تكوينيا بالسنن الالهيه في إدراكه لعالم الشهادة، و تكليفيا بالوحي في إدراكه لعالم الغيب كما في المفهوم الاسلامى. الإيمان بالغيب لا يناقض العلم أو العقل:وهكذا فإن الإيمان بالغيب(والذي يتضمن إثبات وجود الله تعالى) في المفهوم الاسلامى لا يترتب عليه إنكار الوجود الموضوعي (الحقيقي) للوجود الشهادي أو انضباط حركته بسنن إلهية لا تتبدل (السببية) "فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً"، أو إنكار كون العقل هو وسيلة لمعرفته ،لأنه اعتقاد موضوعه وجود غيبي مطلق عن قيود الزمان والمكان، مفارق للوجود الشهادى المحدود بالزمان والمكان. وأخيرا فان المفهوم الاسلامى يقوم على اسبقيه الإيمان بالغيب كأساس للدين (أو الميتافيزيقا بالمصطلح الفلسفي الغربي)على كل نشاط علمي أو عقلي أو فلسفي ، ذلك أن العلم بما هو الكشف عن القوانين (السنن) التي تحكم حركة الأشياء والظواهر والإنسان، يقوم على التجربة والاختبار العلميين ولكنه في ذات الوقت يقوم على مسلمات سابقة على التجربة مثل الموضوعية والحتمية…كما أن كل مذهب فلسفي إنما ينطلق من مسلمات غير قبله للنفي أو الإثبات بالتجربة العلمية.
الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالأدلة على وجود الله تعالى وربوبيته كثيرة: منها: 1ـ دليل الفطرة، فإن العباد مفطورون على معرفة الله تعالى، ولهذا قال سبحانه: قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً { إبراهيم:10}. قال شيخ الإسلام: فدل ذلك على أنه ليس في الله شك عند الخلق المخاطبين، وهذا يبين أنهم مفطورون على الإقرار. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ ثم يقول أبو هريرة ـ رضي الله عنه: فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم. رواه البخاري ومسلم والفطرة هي الإسلام، ويدل على ذلك رواية مسلم: ما من مولود يولد إلا وهو على الملة. وله أيضا: إلا على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه. ويدل عليه أيضا، قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ـ رواه مسلم.
ولما تفرَّقوا في طول الأرض وعَرْضها شغلهم طلب العيش والمأوى عن التفكير في خالق هذا الكون، وساقتْهم فطرتُهم إلى أن هناك من هو أقوى منهم، يُسيِّرهم، ويسيطر عليهم، بما يرونه من كواكب ونجوم ومخلوقات شتَّى، وحاولوا التقرُّب إليها أو التحصُّن ضد خطرها، وكما يحدِّثنا علماء الفلسفة والأجناس البشرية، رمزوا إلى هذه القوة الخفيَّة بما يُعبر عن عقيدتهم في شكل تِمْثال أو غيره، ومن هنا جاء الرسل لتلْفت أنظار الضالِّين إلى حقيقة الألوهية. ومهما يكن من شيء فإن علماء العصر الحديث ـ على الرَّغم من تنكُّر بعضهم للدين الذي عاشوا في ظلِّه قرُونًا، وحرَمهم كثيرًا مما يحتِّمه انطلاق الفكر ونشاط الإرادة ـ لم يستطيعوا أن يُنكروا وجود الله وراء هذه المادة التي هي وِعَاء علمهم وتجارتهم، وكان أسلوبهم في البحث بعيدًا عن الأسلوب الديني التقليدي الذي ثاروا عليه، ولو شئنا لأوردنا كثيرًا من أقوال كِبارهم في إثبات وجود الله، ولكننا نحيل القارئ إلى كتاب " الله يتجلَّى في عصر العلم " الذي جمع فيه " جون كلوفر مونسما " الباحث الدِّيني الاجتماعي كثيرًا من شهادات علماء أمريكا المتخصِّصين في كل العلوم، بما يؤكد اعتراف العِلم بوجود الله.
قال تعالى: ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)الأنعام103 الدليل على أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله: إن قيام سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالدَّعوة إلى دين جديد حقيقة تاريخية مقرَّرة لا شك فيها، وتلك آثارها شاهد صدْق عليها. ولما جاء بالدعوة وكذَّبه قومُه طلبوا منه ما يدل على صدْقه، بالإضافة إلى ما عرَفوه عنه من صدق وأمانة، وقد انتزع منهم هذا التصديق المبدئي بقوله " أرأيتم لو أخبرتكم أن خيْلاً وراء هذا الوادي تُريد أن تُغير عليكم أكنتم مُصدِّقيّ؟ " قالوا: ما جرَّبنا عليك كذبًا، فقال لهم " إني نذير لكم بين يدَيْ عذاب شديد " ولذلك جاء على لسان من عُرضت عليه الدعوة وعُرف أنه مشهور بالصدق: ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله. فلما أصروا على كذبهم ظُلمًا وعُلوًّا وقد استيقنَت أنفسهم صِدقَه طلبوا منه آية ـ أي علامة تدل على صدقه في أنه رسول الله من عند الله، وليس مدَّعيًا ذلك من نفسه ـ فجاءهم بالقرآن متحدِّيًا إياهم به ، فعجزوا عن الإتيان بمثله، بل بعَشْر سورٍ، بل بسورة واحدة، على الرغم من أنهم فُرسان البلاغة والفصاحة. وقد نص على ذلك قول الله تعالى ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَن يَأتُوا بَمَثْلِ هَذَا القرآنِ لا يَأْتونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كَانَ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) ( سورة الإسراء: 88).